عنف الصمت – زياد خالد علي
تعودنا كما غيرنا ان نشهد افعال توصف بالهمجية وباتجاهات نزعات العنف الوحشية , وهي سلوك مباشر او غير مباشر يمارس بفعل ايجابي من شخص معين ضد اخر , لكن ان نوع عنف جديد يشهده العالم والمجتمع , اعبر عنه بعنف الصمت , فاذا كان السكوت سلوك لا يرتب اثرا غالبا , الا اني اراه يرتب اثرا وعنفا في مواقف معينة , فصمت العالم عن المجازر الوحشية والانتهاكات المتكررة لاخوتنا في سهل نينوى , وشمال العراق , وغربه , انما هو عنف ممنهج , حيث يجد المطالع لميثاق الامم المتحدة ان ديباجته قررت ان شعوب الامم المتحدة الت على نفسها ان تضطلع بمهام وهي ” أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية،وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح. ” ثم التزم من انضم الى الميثاق بتحقيق هذه الغايات من خلال ” أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار , وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي، وأن نكفل بقبولنا مبادئ معيّنة ورسم الخطط اللازمة لها ألاّ تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة ، وأن نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها، ” ولهذا فإن حكومات الدول المختلفة على يد مندوبيها المجتمعين في مدينة سان فرانسيسكو الذين قدّموا وثائق التفويض المستوفية للشرائط، قد ارتضت ميثاق الأمم المتحدة هذا، وأنشأت بمقتضاه هيئة دولية تُسمّى “الأمم المتحدة”. واذا كانت الالتزامات الدولية كما يعبر عنها اهل الاختصاص بانها “رابطة قانونيّة تلتزم بموجبها دولة أو منظّمة دوليّة ما في مواجهة الغير بأداء معيّن بالقيام بعمل ما أو الامتناع عنه، أو بالتصرّف على نحو معيّن، أو الامتناع عنه، أو اتباع قاعدة سلوكيّة معيّنة عند القيام بتصرّف ما” , فهي إذًا علاقة تعاقديّة بين دولة ما والمجتمع الدولي، وهي امّا التزامات ناتجة عن انضمام الدولة الى الأمم المتحدة؛ أي الالتزام بواجبات يفرضها ميثاق الأمم المتحدة الموقع في عام 1945، والنافذ في 24 أكتوبر 1945، والذي يُكمله النظام الأساسي لمحكمة العدل الدوليّة .ومن هذه الالتزامات “حفظ السلم والأمن الدولي” و”إنماء العلاقات الودية بين الأمم” و”تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدوليّة ذات الصبغة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والإنسانيّة وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسيّة للناس جميعا .وإمّا التزامات اختياريّة ناتجة عن إمضاء الاتفاقيات والمعاهدات الدوليّة المختلفة في مجال حقوق الإنسان أو الشراكات الاقتصاديّة (مثل اتفاقيّة الشراكة مع الاتحاد الأوروبي) أو الاتفاقيّة الدولية للتجارة أو الاتفاقيات الأمنية، مثل اتفاقيات تبادل المجرمين واتفاقيات الدفاع المشترك أو الانخراط في الهيئات القضائيّة الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدوليّة. وبذلك فان الدول المنضوية تحت قبة الامم المتحدة تكون ملزمة بحفظ السلام والامن للدول الاخرى الاعضاء , فاذا ما غضت الطرف عن الجرائم الواقعة على الاشخاص بسبب التمييز المبني على اساس عنصري , فان هذا الصمت يعتبر ارهابا ممنهج وهو عنف بصيغة صمت , نعم ان ما جرى على اخوتنا من الديانة الايزيدية والمسيحية في شمال العراق على ايدي تنظيم داعش الارهابي , جرائم يندى لها جبين الانسانية , وان اي موقف صمت عن هذه الافعال يعد تاييد لها , اننا وان نعد مواقف الصمت ارهابا وعنفا , نجمع ما بينها وبين التصريحات الاخرى التي تكتفي بالتنديد والتصريح , نحن نريد مواقف جادة في الاغاثة وفي توفير الحماية ونبذ التصرفات الارهابية , فلا يمكن ان نكتفي بتصريحات الشجب من الدول بل نحن بحاجة الى وقفة دولية جادة ازاء الجرائم ضد الانسانية , وبما يتفق ونص المادة 39 من ميثاق الامم المتحدة القاضي بـــ “يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاًمن أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه” اننا نواجه عصابة ارهابية ويجب ان يكون قرار مجلس الامن حازما وشديدا لكل من يدعم هذه العصابة , نحن بحاجة الى معاقبة المقصرين وفضحهم امام الراي العام الدولي , كل من قدم سلاح او اموالا دعمت هذا الكيان المريض , وكل من ساعد على قتل اهلنا وسبي نسائنا وتشريد اطفالنا , نعم نحن بحاجة الى ان نعيد ضمير الانسانية الى العمل بعد ان غيب فترة من الزمن , ويكون شعارنا دائما وابدا انا انسان بغض النظر على اي مسمى او انتماء اخر, وكل من يتخذ موقف المتفرج الصامت امام الجرائم ضد الانسانية و التي تطال اهلنا من الايزيديين او المسيحين او في محافظة الانبار او غيرهم يكون عنيفا بصمته ارهابيا بموقفه السلبي تجاه هذه الجرائم .