دم ابرد من الطقس ضد النازحين من المكونات “الاقليات” – زياد خالد علي
في شتاء شمالنا الحبيب تجمدت كل امال العراقيين بانتهاء ازمة اخوتنا واحبتنا , جوبهت امالنا ببرود اشد قساوة وعجزا من الشتاء الذي يأكل مدخرات الصيف , نعم فاهلنا عاشوا اعيادهم هذه السنة بابشع صور الانسانية التي يمكن ان تاتي في مخيلة البشر , قتل , تهجير , استعباد , رق , انتهاك لكل معاني الانسانية وحقوق الانسان , انتهاك لمعنى البشرية على مر العصور , على اساس مقيت , من التمييز والتحزب والتخندق , اطفال لم يعرفوا معنى العيد بعد ان عجزوا عن تخيله , اسر باتت تفترش ارض متجمدة وسماء امطرت بسهام قاسية بدل امطار الخير التي تحمل قوت كل عام , والعالم اجمع يراقب ويلاحظ بدم ابرد من شتائنا القاسي الجرائم التي تطال اخوتنا من الايزيديين والمسيحيين والشبك , ان حقوق المكونات المختلفة يجب ان تمنح لا على اساس منة , بل هي استحقاق على اساس الخلق والحياة , وهذا ما تؤكد عليه الصكوك والمواثيق المندرجة ضمن الشرعة الدولية لحقوق الانسان , ويجب وضع ضمانات لحقوق المكونات المختلفة قيد إجراء تضمن تتمتعهم بحقوق الإنسان على غِرار أعضاء المجتمع الآخرين، و يجب وضع ضمانات محددّة تؤّكد على حقوقهم كمكونات “أقليات” وتساعد هذه الحقوق في حماية ثقافاتهم وأديانهم ولغاتهم وتعزيزها , وتيسير مشاركتهم على قدم المساواة في الحياة العامة وفي صنع القرارات التي تؤثّر في حمايتهم من الأذى ومن التمييز, لذا تلخيص حقوقهم في حماية الوجود؛ عدم التمييز؛ وحماية الهوية والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية , ان مبدأ عدم التمييز والمساواة أمام القانون من المبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان , ويُحظّر مبدأ عدم التمييز أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو ينتج عنه تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة , وينبغي الاشارة هنا أن القانون الدولي لا يفرض أي شرط لإثبات نيّة التمييز. ويحظّر القانون الدولي لحقوق الإنسان التمييز المباشر وغير المباشر, وبالإضافة إلى أحكام عدم التمييز، هناك نصوص تتعلق بحماية حقوق الأقليات على وجه التحديد اضافة الى تمتعهم بجميع حقوق الإنسان المنصوص عليها دوليا، و نجد ذلك في المواد “3,4,7,17,18,22,25,26,1 ” من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ,والإعلان العالمي بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغويةالعتمد والمنشور علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة47/135 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992 بمواده التسعة ,بالأضافة الى تمتعهم بحماية القانون والتشريعات المحلية باعتبارهم مواطنين ، فنجد نص الدستور العراقي على حقوق الانسان بصورة مفصلة وافرد لها بابا خاصا , ومنع تقييد هذه الحقوق او حرمان فرد منها تحت اي سبب او عذر ونجد ذلك واضحا في نص الفقرة ج/اولا من المادة 2 ثم جاء النص على الحقوق و الحريات فيه ابتداءا من المادة 14 وانتهاءا بالمادة 46 ” لذا فان الاقليات يتمتعون بالحقوق الخاصة التي تهدف إلى الحفاظ على وجودهم وهويتهم ، الا إننا نلاحظ إن حقوقهم في أغلب دول العالم ومن ضمنها العراق مهمشة، ووقد مورست ضدهم اساليب قمع وتهميش، اضافة الى عملية القسر على الأندماج في الجسد القومي ، الا ان ذلك قد فشل لان الأقليات لها نزعة الحفاظ على الهوية بشكل كبير ، ولذلك يجب احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وكرامته، وإن هذا الأهتمام هو السبيل الوحيد للتعامل مع مشاكل الأقليات.
تجدر اشارة الى ان العراق لم يرد من بين الدول المنتهكة لحرية الدين والمعتقد حتى عام 2001 ضمن تقارير الامم المتحدة , مع ذلك فقد برز نوع من التمييز ادى الى وجوب توفير حماية قانونية لحرية المعتقد , فنجد نص الدستور العراقي في مادته (3) إلى أن ( العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب…..) وقبلها أشارت الفقرة (ثانيا ) من المادة 2 منه و التي نصت ( يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، كالمسيحيين،والإيزيديين، والصابئة المندائيين.) كما تضمنت المادة (10) من الدستور الضامن الحقيقي لحماية المقامات الدينية والعتبات ألمقدسه باعتبارها كيانات حضارية تؤكد الدولة على صيانتها والالتزام بضمان ممارسة الطوائف الدينية لشعائرها وطقوسها بحرية تامة،ولم يقف الدستور عند هذا الحد بل راح يؤكد في باب الحقوق والحريات وهو الباب الثاني من أبواب الدستور، وجاءت نصوصه أما بالتأكيد أو بالإشارة إلى تعزيز حرية المعتقد الديني، فالمادة (14) نصت على المساواة بين العراقيين أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي . ولم تختلف المادة (15) التي منحت كل فرد عراقي الحق في الحياة والأمن والحرية و لا يجوز الحرمان من هذه الحقوق وتقييدها إلا بنص القانون . وهذه المادة بلا شك داعم لحرية المعتقد الديني يضاف إلى أن المادة (17) أشارت إلى احترام الدستور لخصوصية الشخص والحق بحريته الشخصية على أن لا يتنافى ذلك مع حقوق الآخرين والآداب ألعامه . وفي الفصل الثاني وهو فصل الحريات نصت المادة(41) التي لما تزل تثير خلافا كبيراً والتي نصت (العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية،حسب دياناتهم أو مذاهبهم أ ومعتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم بقانون ) وهي تأكيد جديد على رؤية مهمة باتجاه حرية المعتقد الديني ونصت المادة (42) بما يلي (لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة ) والمادة (43) بفقرتيها , ومثلما ضمن الدستور في صلب وثيقته هذه الحقوق فان هناك عقوبة مقدرة لمن يقوم بانتهاك المشاعر الدينية والعقائدية لإفراد طائفة أو دين أو معتقد،فقد جاء قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 المعدل وفي باب الجرائم الاجتماعية الفصل الثاني تحت عنوان (الجرائم التي تمس الشعور الديني) وخصصت لها المادة (372) من قانون العقوبات العراق والتي نصت ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة دينار:
1- من اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية أو حقر من شعائرها
2- من تعمد التشويش على إقامة شعائر طائفة دينية أو على حفل أو اجتماع ديني او تعمد منع او تعطيل اقامة شيء من ذلك
3- من خرب او اتلف او شوه او دنس بناء معد لاقامة شعائر طائفة دينية أو رمز أو شيئا آخر له حرمة دينية
4- من طبع أو نشر كتابا مقدسا عند طائفة دينية أذا حرف نصه عمدا تحريفا بغير معناه أو إذا استخف بحكم من إحكامه أو شيء من تعاليمه
5- من أهان علنا رمزا أو شخصا هو موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية
6- من قلد علنا نسكا أو حفلا دينيا بقصد السخرية منه.
لذا فان الالتزامات العامة التي يجب أن تأخذها دولة العراق على عاتقها من أجل احترام حقوق الأقليات وضمانها تتمثل بتوفير حمايتهم الانية وانتشالهم من واقع النزوح , اضافة الى اعادة ادماجهم داخل المجتمع بما يضمن حقوقهم الكاملة ورد اعتبارهم وجبر الضرر باكبر قدر ممكن , ومنحهم اوسمة شرف تتناسب مع دورهم الفاعل في بناء الوطن وتقديرا لتضحيانهم وجهودهم في هذا البلد ,اضافة الى توفير ضمانات قانونية من خلال تشريع قانون يجرم الافعال التي تشكل انتهاكا لحرية الدين والمعتقد او الانتماء واعتبار هذا الفعل من الجنايات تشدد عقوبتها في وقت الازمات والكوارث مع مراعاة ظروف التشديد الاخرى الواردة في القانون .