انتشار الجوع، والآثار طويلة الأمد على الأمن الغذائي في المنطقة العربية
قال خبير اقتصادي في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إن انتشار ظاهرة الجوع بشكل أكبر في إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، والتدهور الراهن في حالة الأمن الغذائي عامة، يمكن أن يُعزى إلى الصراعات والحروب الأخيرة في المنطقة، مذكرا أيضا بأن النزاعات نفسها قد تحدث، أحيانا، بسبب عدم التوازن التنموي.
في حوار خاص لأخبار الأمم المتحدة، بعد صدور تقرير منظمة الفاو الذي يقدم “نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا” سألنا الأستاذ أحمد سعد الدين، المستشار الاقتصادي الإقليمي لمنظمة (الفاو) عن أبرز المسببات الرئيسية لانتشار الجوع في المنطقة، خصوصا مع وصول أعداد المتأثرين به إلى أعداد قياسية منذ عام 2011، حسبما أورد التقرير.
يقول المستشار الاقتصادي إن التقرير رصد جملة من العوامل الرئيسية ليصل إلى أن “هناك عاملين أساسيين: العامل الأول والحاسم، خاصة في السنوات الأخيرة، هو تفاقم الصراعات. إذ تعتبر المنطقة الآن من بين الأكثر تأثرا من حيث حدة النزاعات التي تشهدها“.
ويضيف الخبير الاقتصادي لدى الفاو أن التقرير قد صنف خمس دول، 3 منها تفاقمت فيها الصراعات منذ عام 2011. ويقول أيضا إن هناك بلدانا مثل العراق والسودان وهي “من بين البلدان المصنفة كدول هشة، والتي ظلت تعاني من الصراعات منذ فترة طويلة جدا.”
ويورد التقرير أرقاما تؤكد هذه العلاقة، بين الصراعات والحروب المنتشرة في المنطقة، وبين ارتفاع معدلات النقص في الغذاء وعلى مؤشرات النقص “التغذوي” حسب وصف الأستاذ سعد الدين: “نلاحظ في بلدان الصراع أن لدينا حاليا حوالي 26% من السكان الذين يعانون منه، مقارنة بـ 5% فقط من السكان في باقي البلدان” مما يعني أن هناك مشكلة أساسية، يعزوها التقرير بشكل أساسي إلى الصراعات والحروب.
غير أن الوضع في بعض البلدان غير المتأثرة بالنزاعات، ليس أحسن حالا، حسب التقرير الأممي، إذ يعاني 18 مليون شخص في هذه الدول من أزمة أمن غذائي أيضا. ويقول أحمد سعد الدين إن هذه الدول ذات الدخل المنخفض في المنطقة تعاني من كثير من مظاهر الهشاشة في بناها الاقتصادية ومن فقر الموارد، بينما تعتمد اقتصاداتها على عدد محدود من السلع والنشاطات الاقتصادية. وعند حدوث صدمات اقتصادية في الاقتصاد العالمي، يقول المستشار الاقتصادي، فإنها “تؤثر بشكل كبير على قدرة هذه الدول في تأمين الكفاية من الغذاء لشعوبها”.
ويضيف الاقتصادي أن هناك عددا كبيرا من الدول في المنطقة تعتمد في اقتصاداتها على قطاعين أو ثلاثة، مما قد يؤدي في المستقبل القريب أو البعيد إلى حدوث أزمات تزيد من تدهور أوضاع الأمن الغذائي.
من ناحية أخرى، يتحدث الأستاذ أحمد سعد الدين عن أن هناك تجارب إيجابية في كيفية إدارة الأمن الغذائي في بعض البلدان. ففي الأردن كمثال، هناك سياسة تنص على ضرورة أن تتوفر في كل يوم، كمية من الحبوب تكفي البلاد لمدة تسعة أشهر إلى الأمام. مع أن الأردن لا ينتج سوى واحد في المئة من هذه الكمية المطلوبة، فإن تنوع مصادر استيراد الأردن يسمح له بحسن إدارة توفير الغذاء بشكل “لا يتأثر بالأزمات غير المتوقعة في تلك المنطقة، مثل الحرب أو الجفاف أو العوامل السياسية، مما يؤمن من استمرار تدفق الغذاء بشكل سلس”.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو). قد حذرت، في تقريرها حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، من أن انتشار النزاعات والأزمات الممتدة وتفاقمها منذ عام 2011، وتوسع الفجوات بين الريف والمدن، يعيقان جهود المنطقة للقضاء على الجوع بحلول عام 2030.
المزيد في ثنايا الحوار مع الأستاذ أحمد سعد الدين، المستشار الاقتصادي الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة الذي يتناول أبرز المسببات الرئيسية التي أوردها تقرير “نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا”