العنف المدرسي – خطر يهدد المجتمعات – المدربة ميثاق حامد
العنف المدرسي – خطر يهدد المجتمعات – المدربة ميثاق حامد -مجموعة تعايش – مركز النماء لحقوق الانسان
تعاني كثير من المدارس وخصوصا مدارس الذكور من تفشي ظاهرة العنف فيها، وهذا يؤثر كثيرا على التحصيل الدراسي للطلبة وعلى مجمل العملية التعليمية والتربوية في المدرسة، كما قد يكون لهذا العنف عواقب وخيمة على صحة وسلامة الطلبة.
يعرف قاموس العلوم الإنسانية العنف بأنه فعل خشن (فظ) يهدف إلى الضغط وارغام الآخرين على شيء محدد و يتخذ هذا العنف مظاهر مختلفة ،نفسية ،بدنية و معنوية إذ يمكن أن تكون على مستوى الكلام كانتقاد صريح أو لفظ قاسي او جارح ما يسبب اذى معنوي ونفسي وقد يكون على مستوى الأفعال الصريحة في الإعتداءات كالضرب و الجرح والاذى البدني.
تختلف أسباب العنف داخل المدارس من بيئة لأخرى، ومن مدرسة لأخرى وحتى بين أعضاء أسرة المدرسة ( تلميذ ، معلم ، إدارة )، فهي تختلف من حالة لأخرى .
ولهذا يمكن القول أن لمظاهر العنف داخل المدارس أسباب يتعلق بعضها باساليب التنشئة والتربية داخل الاسرة بأعتبارها اللبنة الاولى لبناء شخصية الفرد وهي اولى مراحل تكوين شخصيته واستقلالها، ومن اهم الحالات السلبية التي تفرضها الاسرة على الابناء: القسوة – الإهمال – التفرقة في المعاملة ومقدار الثقة المتبادلة بين افراد الاسرة بما يجعل الطفل يشعر بحالة من الاطمئنان يتصرف بموجبها بحرية وفق مشاعره ولا يضطر ان يكبتها او يدخرها لتظهر بشكل سلوك عدواني في بيئة المدرسة التي يعدها اكثر حرية وبطرق اكثر عشوائية واقل انضباط وربما يكون شجار الوالدين داخل الاسرة ومقدار الضغط النفسي الذي يعانيه الابناء هو احد هذه الاسباب ايضا ان لم يكن اهمها، ولا ننسى ان نذكر ان العامل الاقتصادي في الاسرة ايضا يلعب دورا بارزا في هذا المجال فالاسرة التي يعيش افرادها في منزل صغير ومكتظ او لا يحصل فيها الابناء على ما يحتاجون اليه من ضرورات الحياة الدراسية في ظل مقارنة مع زملائهم وايضا لايتمكن افرادها من التعبير بحرية وطلاقة عن مكنوناتهم وحالاتهم ينتج عنها افراد يميلون الى تعويض ما يفتقدونه داخل الاسرة في بيئة المدرسة التي تعتبر ثاني بيئة اساسية يتم تنشئة الاجيال عبرها.
بذلك تكون المدرسة هي المصبّ – إن صحّ التعبير- لمختلف افرازات العنف والقسوة من المجتمع والأسرة. فيأتي الطلاب المٌعنّفون من قبل الأهل، وربما من المجتمع المحيط بهم، إلى المدرسة، وهم مشحونون من الناحية النفسية، فربما يكون احتكاك بسيط بينه وبين المعلم او بينه وبين زميل له في المدرسة، كافياً لأن ينفجرغضباً وعنفاً، مما يوجد حالة عدوانية داخل المدرسة، فيدفع المعلم لاتخاذ اجراءات مماثلة للسيطرة على الوضع، وكبح جماح الطفل.
وتتبع بعض الاسباب عوامل تتعلق بالمدرسة نفسها اوبالبيئة الخارجية ويمكن تلخيصها بما يلي :
- فقر المدارس لمجالات الترفيه التي تخفف من التوترات الاجتماعية المعاشية يوميا.
2- فقر المؤسسات التعليمية لمختصين نفسيين وباحثين إجتماعيين .
3- إشكالية العقاب البدني التي أثارت جدلا كبيرا بين من يرفض ويمنع ممارسة العقاب الجسدي على التلاميذ، وغياب بديل يعدل من السلوكات غير المنضبطة لبعض التلاميذ المشاغبين في أقسام الدراسة. - اتباع ادارة المدرسة والكوادر التدريسية اساليب قمعية في التعامل مع التلاميذ ما يجعلهم في وضع استياء دائم وفي حالة من تحين الفرص لرد القسوة بالمقابل وفق تصوراتهم وتفسيراتهم.
- استخدام الأسلوب التقليدي في التدريس القائم (تقيد حركة الطلبة في الدرس – الحفظ والتسميع – عدم توافر الأنشطة – الطالب متلقي فقط – استخدام العقاب كوسيلة تربوية) وغيرها من الأساليب التقليدية.
من المفترض أن تكون المدرسة إحدى عوامل التنشئة الاجتماعية، حيث يوكل إليها المجتمع مسؤولية تحقيق أهدافه، بتعليم وإعداد القدرات العلمية، وفق منهج تربوي متفق عليه، كما تنظم العادات والسلوك لدى الطالب ليسير في طريق النمو والتكامل، إلى جانب مهام التعليم والتأهيل حسب برامج نظرية وعملية معينة.
ومن خلال المدرسة يتشكل أيضا وعي الإنسان الاجتماعي والسياسي، و يكتسب التلميذ المهارات والقدرات لمزاولة نشاطه الاقتصادي، بل وأكثر من ذلك يتشكل من خلال التعليم أبرز ملامح المجتمع وتتحدد مكانته في السلم الحضاري. لذا يجب علينا نشر ثقافة التسامح ونبذ العنف، فهو الدليل الاساس على وجود القابلية للنمو والتطور.
ان التخلص من آفة العنف المدرسي تتطلب تعاونا مشتركا بين الآباء والمعلمين، من خلال التعامل المدروس والسليم مع الوضع النفسي للطلبة الصغار، والعمل على توفير الاجواء الدراسية الصحيحة لهم، كذلك هناك متطلبات مادية ينبغي توفيرها لهم، وهذه مسؤولية الآباء بالدرجة الاولى، فلا يجوز محاسبة الابناء على تقصير أو خطأ معين، في حين لا يتنبّه الاباء الى اخطائهم!!، أما المعلمون فمطلوب منهم التمسك بالمنهج التربوي الخالي من العنف، واللجوء الى اساليب معاصرة تتفهم اوضاع الطلاب، واحتياجاتهم في الجانبين المادي والنفسي، في هذه الحالة يمكن ان يثمر التعاون بين الاباء والمعلمين، من خلال نبذ العنف بصورة تامة، مع توفير الصفوف المدرسية الجيدة والمناهج الجديدة، عند ذاك سوف يتحقق حلم التعليم السليم، وتنتهي ظاهرة العنف المدرسي التي باتت من الظواهر المتخلفة والمدمرة في الوقت نفسه.
كما يرى خبراء اخرون أن نشر ثقافة التسامح ونبذ العنف في المجتمع والتلاميذ في غاية الاهمية، وليكن شعارنا التعلم لحقوق الإنسان وليس تعليم حقوق الإنسان، الى جانب عمل ورشات ولقاءات للأمهات والآباء لبيان أساليب ووسائل التنشئة السليمة التي تركز على منح الطفل مساحة من حرية التفكير وإبداء الرأي والتركيز على الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل واستخدام أساليب التعزيز، كما ان الاهم هو عمل ورشات عمل للمعلمين يتم من خلالها مناقشة الخصائص الانمائية لكل مرحلة عمرية والمطالب النفسية والاجتماعية لكل مرحلة، وضرورة تفعيل دور المرشد التربوي ليكون موضع ثقة التلاميذ وعامل اساسي في الترويح عن ضغوطهم النفسية والاجتماعية.