تقارير حقوق الإنسانتقارير عن العراقتقارير مؤسسات دولية

مركز الخليج لحقوق الانسان : حرية الرأي والتعبير معرضة للخطر بموجب قانون جرائم المعلوماتية الجديد الذي يفرض عقوبات بالسجن مدى الحياة

في جلسته المنعقدة في 12 يناير / كانون الثاني 2019، أكمل البرلمان العراقي قراءته الأولى لمشروع قانون جرائم المعلوماتية، والذي شمل عقوبات تصل إلى السجن المؤبد وغرامات مالية باهضة على المخالفين. يشعر مركز الخليج لحقوق الإنسان بالقلق من أن القانون يهدد حرية الرأي والتعبير ويطالب بتعديله قبل أن يصبح قانوناً ملزماً.

تنص المادة 2 منه على أنه: “يهدف هذا القانون إلى توفير الحماية القانونية للإستخدام المشروع للحاسوب وشبكة المعلومات، ومعاقبة مرتكبي الأفعال التي تشكل اعتداءً على حقوق مستخدميها من الأشخاص الطبيعية أو المعنوية ومنع إساءة استخدامه في ارتكاب جرائم الحاسوب.” وبالرغم من ذلك، فإن الصياغة الفضفاضة للعديد من مواد القانون تجعلها غامضة، كما أن العقوبات الشديدة التي لا تتناسب مع نوع الإنتهاكات ستؤدي إلى مصادرة الحريات العامة، خاصة حرية التعبير على الإنترنت. وبالتالي يخشى مركز الخليج لحقوق الإنسان من استخدام القانون لاستهداف نشطاء الإنترنت والمدونين بسبب أنشطتهم السلمية.

وتنص المادة (3) أولاً على مايلي: “يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لاتقل عن (25000000) خمسة وعشرين مليون دينار ولا تزيد على (5000000) خمسين مليون دينار كل من استخدم عمداً اجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات بقصد ارتكاب إحدى الأفعال التالية:

أ –  المساس باستقلال البلاد و وحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية او السياسية او العسكرية او الأمنية العليا.

ب –  الاشتراك أو التفاوض أو الترويج أو التعاقد أو التعامل مع جهة معادية بأي شكلٍ من الأشكال بقصد زعزعة الأمن والنظام العام أو تعريض البلاد للخطر.”

لاشك فأن نص هذه المادة يُثير مخاطر حقيقية في الأفق من انها وبسبب طبيعتها الفضفاضة وغموضها يمكن أن تستخدم بسهولة لإستهداف مدافعي حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين وكذلك معارضي السياسات الحكومية أو قادة الأحتجاجات السلمية والمشاركين فيها من الذين ينشطون على الإنترنت للدفاع عن حقوق مواطنيهم المدنية والإنسانية.

أما المادة 4 فأنها تنص على أنه: “يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لاتقل عن (25000000)  خمسة وعشرين مليون دينار ولاتزيد على  (5000000) خمسين مليون دينار كل من أنشأ أو أدار موقعاً على شبكة المعلومات بقصد ارتكاب احدى الأفعال الآتية:

أولاً – تنفيذ عمليات إرهابية تحت مسميات وهمية أو تسهيل الاتصال بقيادات واعضاء الجماعات الإرهابية.

ثانياً – الترويج للأعمال الإرهابية وأفكارها.”

ومع عدم وجود تعريف واضح وصريح لمفهوم الإرهاب فأنه سيكون من السهل استخدامه لتصفية الخصوم السياسيين وغيرهم من الناشطين.

وتنص المادة 6 على مايلي: “يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لاتقل عن (25000000) خمسة وعشرين مليون دينار ولاتزيد على(5000000) خمسين مليون دينار كل من استخدم أجهزة الحاسوب و شبكة المعلومات بقصد ارتكاب احدى الأفعال الآتية:

أولاً – إثارة العصيان المسلح أو التهديد بذلك أو التلويج له أو إثارة النعرات المذهبية او الطائفية او الفتن او تكدير الأمن والنظام العام أو الإساءة إلى سمعة البلاد.

ثالثاً – نشر أو اذاعة وقائع كاذبة أو مضللة بقصد اضعاف الثقة بالنظام المالي الإلكتروني أو الأوراق التجارية والمالية الإلكترونية ومافي حكمها أو الاضرار بالإقتصاد الوطني والثقة المالية للدولة.”

لاشك انها مادة فضفاضة وتشمل مصطلحات كثيرة غير معرفة ويمكن استخدامها ايضاً للإيقاع بناشطي الإنرتنت ومعارضي السياسات الحكومية أو قادة الأحتجاجات السلمية والمشاركين فيها تحت غطاء اتهامهم بإثارة الفتن وتكدير الأمن والنظام العام أوالإساءة إلى سمعة البلاد. أنها قد تستهدف أيضاً أولئك الذين يعملون على فضح الفساد المالي في البنوك الحكومية والخاصة.

أما المادة 18 اولاً فأنها تنص على الآتي: “يعاقب بالحبس أو بغرامة لاتقل عن (5000000) خسمة ملايين دينار ولاتزيد عن (10000000) عشرة ملايين دينار كل من:

ب – امتنع عن تقديم معلومات أو بيانات إلى السلطات القضائية أو الإدارية.”

ان هذه المادة تهدد حرية الصحافة بشكل جدي حيث انها تعطي الحق ليس فقط للقضاء بل ايضاً للسلطات الحكومية وبضمنها الأجهزة الأمنية على إجبار الناشطين والصحفيين والمواطنين الصحفيين وحتى جميع المواطنين لإعطاء كل مايملكون من معلومات وبيانات إليها في إنتهاك صارخ لحقهم في الخصوصية وحماية مصادر معلوماتهم.

وتشكل المادة 21 ثالثاً إضافة فضفاضة وغامضة أخرى إلى القانون المقترح حيث تنص على مايلي: ” ثالثاً – يعاقب بالحبس لمدة لاتقل عن سنة وبغرامة لاتقل عن (2000000) مليوني دينار ولاتزيد عن (5000000)  خمسة ملايين دينار كل من اعتدى على اي من المباديء أو القيم الدينية أو الأخلاقية أو الأسرية أو الأجتماعية أو حرمة الحياة الخاصة عن طريق شبكة المعلومات أو اجهزة الحاسوب باي شكل من الأشكال.”

أما المادة 23 فأنها تفرض بدون وجه حق عقوبة جماعية تشمل بالإضافة إلى ناشطي الإنترنت، موردي وبائعي أجهزة الحاسوب حيث أنها تنص على مايلي، “يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة ولاتزيد على  سنتين وغرامة لاتقل عن (3000000)  ثلاثة ملايين دينار ولاتزيد على (5000000) خمسة ملايين دينار كل من قام عن قصد بانتاج أو بيع أو استيراد أو توزيع اي من الأجهزة أو الأدوات أو برامج الحاسوب أو كلمات السر أو رموز الدخول التي أدت إلى ارتكاب احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.”

وتنيط  المادة 24 أولاً إجراءات التحقيق بالجهات الجنائية الحالية حيث تنص على التالي، “تتولى جهات التحقيق اجراءات التحقيق وجمع الأدلة وطلبها من مصادرها في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.” وهذا يعني إعطاء مهمة جمع الأدلة الإلكترونية إلى جهات غير متخصصة بدلاً من إنشاء جهاز خاص كفوء من الخبراء وذوي الكفاءة يكون مسؤولاً عن جمع الأدلة والتحقيق في الجرائم الإلكترونية.

وهكذا فأن هذا القانون المقترخ يتعارض مع الدستور العراقي الذي تم إقراره في سنة  2005 وعلى وجه الخصوص المواد 15، 17، 37، 38، 39، 40، 41، و المادة 42، والتي أكدت جميعها على حق المواطنين في الحرية، الخصوصية الشخصية، حرية الإعلام، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، حريه تكوين الجمعيات والأحزاب السياسية، وذلك حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية وعدم جواز مراقبتها أو التنصت عليها أو الكشف عنها.

وبعد كل ذلك فأـن المادة 46 من الدستور العراقي قد أكدت بنص صريح على أنه “لايكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها الا بقانون أو بناءً عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية.” مما يشكل تناقضاً صارخا بين روح هذه المادة وسعي قانون جرائم المعلوماتية لتقييد حرية المواطنين على الإنترنت.

يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان مجلس النواب  في العراق إلى:

1. تعديل مقترح قانون جرائم المعلوماتية وعلى وجه الخصوص نصوص المواد، 3، 4، 6، 18، 21، 23، بحيث تصاغ مجداً وبصورةٍ لا تقيد حرية التعبير على الإنترنت وغيرها من الحريات العامة لجميع المواطنين العراقيين وبضمنهم عموم ناشطي الإنرتنت؛

2. ضمان أمن الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في مباشرة أعمالهم دون التعرض لمضايقات قضائية أو السجن؛

3. تأسيس مديرية متخصصة تتولى التحقيق وجمع الأدلة في الجرائم الإلكترونية؛

4. تشكيل إطار قانوني مستقل يختص بحماية حقوق المواطن الإلكترونية.

رابط التقرير الاصلي https://www.gc4hr.org/news/view/2040

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى