بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

ركيزة الوجود – ايوب حسن – مدافع حقوق انسان مجموعة اشنونا (مركز النماء لحقوق الانسان)

ما ان تبدأ في بناء منزلك حتى تفكر ببناء اساس رصين له ، وما ان تفكر في كيفية انشاء الاساس فانك تذهب وتحضر افضل انواع مواد البناء ، ثم تأتي فيما بعد بمهندساً بارعاً ليبدأ التخطيط المميز لك ، ثم بعدها تعقد العزم لتبدأ بوضع اللمسات الاولى لبناءك

كذا هو الحال في طفلك

طفلك هو ركيزة مجتمعك ، فهل اعددت له المواد الاساسية له ؟ وهل اعددت الخطة الشامله لبناءه ؟ ثم هل احضرت له مهندسي التكوين الخاص به ؟

طفلك بين الجهل والتشريد

فما ان تظن انك وضعت طفلك او طفلتك في المدرسة ويراودك الاحساس انك وضعته على الطريق القويم ؟ كلا فهذا ليس هو الهدف المنشود …. فمن قال لك ان المدرسة لوحدها هي العامل الاساس لبناء طفلك ، بل هي اليوم مصدراً من مصادر العلم والجهل في نفس الوقت ، مصدراً للعلم من خلال المادة العلمية والأدبية التي تعطى فيها ، ومصدراً للجهل لما يتنوع فيها من كوادر تدريسية منها ما يحمل الكفاءة ومنها من جاءت به (الواسطة – الحزب – الطائفة) ليبث بذلك سموم افكاره في الجيل الذي بين يديه.

قف هنا  وراجع المكان الذي وضعت فيه طفلك لتجده بين العلم والجهل في نفس الوقت

اما التشريد :- فمن قال لك ان طفلك بناء او انا ليسوا مشردون ؟؟

مشردون حين تراهم يذهبون يومياً ليقضون اكثر من خمس ساعات بين اربع جدران ليعودوا ملقنين لا مبدعين ، مسيرين لا مخيرين ، فارغين لا مملوئين ،  اليس ذلك بتشريد ؟؟

فقضاء الطفل لساعات طويلة بعلم بلا نفع ، وبدراسة بلا دفع ، وبإحباط من الوضع المحيط به ، هي حاله اشبه بتشرده تلك الساعات في الشارع مع اختلاف المكان والملبس.

هل تعلم ان الاساس هش ؟  (سلباً وإيجابا)

نرى اليوم ان اساس الطفل مبني على ما يراه من ابويه وإخوته وعائلته والمجتمع المحيط به ، فكيف بنا بجيل قادم وهو اليوم يرى الاب يعنف الام ويتجاهلها او يجعل منها خادمة في البيت او يطلق لها حريتها دون ان ترى منزلها او يهتم بها ويترك من حولها او يهملها ويهتم بنفسه ، … وكيف بنا بطفل يرى الاخوه يحملون همهم الاكبر بين ايديهم (الفيس بوك) وكأن الحياة لا تسير بدون استخدامه ، ويراهم مشغولون بالـ (ستايل اللبس) ، ومشغولون بالموضة والفن او بالجانب الاخر التطرف والتشدد الديني … وكيف بنا بطفل يرى الشارع الذي يحمل المثقف الحقيقي والزائف في نفس الوقت وتختلط عليه الاوراق بينهما ، وسائق السيارة الذي يطلق مختلف اشكال الكلمات البذيئة ، وصاحب المحل الذي اما ان يكون انساناً شريفاً مخلصاً لعمله او وجهاً اخر يستخدم من محل رزقه مضلة يختفي تحتها للتحرش بابنتك او ابنك اياً كان عمره

على رسلك ، لا تتفاجئ عزيزي الاب ولا تتفاجئي عزيزتي الام

فلم اذكر إلا رؤوس اقلام لتركيبه مجتمعية غريبة ( ايجابية وسلبية) ، وطفلك او طفلتك يعيش وسط تلك التركيبة ، ويتعرض يومياً للطبخ داخلها لساعات متواصلة ، فماذا عساه ان يكون ؟؟

ربما ذكرنا كل ما هو سلبي .. لتقولوا لقد اغلقت الابواب في وجوهنا تعالوا معنا الى الايجابي لنصحح ما نستطيع التصحيح به … حيث تستمر هشاشة الاساس حين نذهب الى الجانب الايجابي من حياة الطفل والذي نجده مطرزاً بالسلبيات رغم ايجابياته

فنجد المدرسة لا تعلم الطفل إلا ان يدرس ليحصل على الوظيفة … (اين الابداع ؟) ، ونجد العائلة تطلب من الاطفال ان يدرسوا ليكونوا (اطباء ومهندسين) … (اين الخياط  –  التاجر المحترف –  الزراعي الماهر – التقني البارع – المعلم المجد – الاداري الناجح –المصمم الرائع – المثقف الذي نحتاجه اليوم وبكثره)

من قال لكما عزيزي الاب وعزيزتي الام ان اساس المجتمع في الطب ؟ مع احترامنا لتلك المهنة العظيمة ….. ومن افهمكما ان الحياة بلا مهندس لن تسير ابداً ؟

هل كان عيسى (ع) طبيباً او مهندساً ليلهم امة كاملة من حوله ؟ هل كان محمد (ص) طبيباً ليجمع هذا العدد الكبير من حوله من البشر ؟؟ هل كان اينشتاين او ارسطو او نيوتن ابن بطوطة ماجلان ووو .. القائمة لا تنتهي .. هل كانوا ضمن هذا المفهوم المحصور عقلياً لديكم ؟؟

ركيزتك في خطر

( بين مطرقة الحروب والأزمات الاقتصادية وغياب الوازع الاخلاقي والديني والمجتمعي ) اناشدك ان تبعد (طفلك – طفلتك) تلك الركيزة المهمة جداً عن السلاح وما يحتويه من العاب ومن افكار ومن اخبار تلفزيونية او من الانترنيت تظهر فيها السلاح ، فانك ان تركته اليوم بين تلك التراكمات ستجده مستقبلاً لا يحمل الا فكر الموت والقتل وعسكرة المجتمع … ثم ابعد طفلك عن فكر المال وعن كيفية سعيه الحثيث لجني المال وهو يحمل عقل متحجر لا يتقدم به خطوة الى الامام ، كي لا تجده مستقبلاً يصارع اخوته ومن حوله من اجل المال لاغير  ، ثم ابعد طفلك عن متاعب الحياة وافعل ما بوسعك للعمل من اجله ولجلب لقمة عيش بسيطة له بعيدة عن الترف الفاحش والمبالغة الغير مبررة ، ولا تجعله في ميدان العمل وهو في عمر العاشرة فما دون ، فانك ان تركته فبذلك تبني اساساً لجيلٍ منحرف مبني على اخلاقيات الطرق وأماكن العمل واختلاف الاعمار.

(فعلك هذا وفعلكِ هذا) يخفف من خطورة انتاج جيل كارثي مدمر في السنوات القادمة ، واهتمامك بطفلك يعطينا نسبة تصل الى 40% من الاطفال السالمين من الكوارث التي نعيش فيها ، حيث يحيط مجتمعنا ويعيش داخله مئات الالاف من الاطفال ( ايتام – ابناء شهداء للحروب الدائرة طوال السنين – ضحايا ارهاب – ابناء مجهولي النسب – ابناء العوائل المعدومة الحقوق والتي لا تجد شئ لمعيشتها )

هذا الكم الهائل الغير مسيطر عليه ينذر بكارثة مستقبلية لأجيال غير منضبطة ، ولسلوك مجتمعي جديد لا تألفه المجتمعات الاخرى

فخلاصة الحديث يا سيدتي ويا سيدي القارئ

اهتم بطفلك قدر ما استطعت ، لتعطي لنا مستقبلاً جيداً ولو بالشئ اليسير

من ركيزة وجودك تلك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى