بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

جريمة الاختفاء القسري بوصفها جريمة ضد الإنسانية – زياد خالد علي

جريمة الاختفاء القسري

بوصفها جريمة ضد الإنسانية

المقدمة
( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها  قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها ) .

    الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده وعلى اله وصحبه وجنده ومن تبعه بإحسان إلى جنه خلده  وبعد …

أضحت العلوم الإنسانية مهمة و واسعة وشاملة حتى غدت تستغرق كل النواحي في الحياة ولا نكون مخطئين إن قلنا أن أهم تلك العلوم هي العلوم القانونية فلا نغالي إن قلنا أن القانون أصبح هو الحياة لأنه الضمانة الأساسية لنجاح المجتمع والدولة والفرد ولهذا فلا نجد موضوعا من مواضيع الحياة إلا وعالجه القانون أو على الأقل حاول معالجته ويسعى كي يحافظ عليه ويحميه …

والقانون الجنائي الدولي وهو من فروع القانون الدولي بل يكاد أهمها حديث النشأة لذا فهو يرتبط فنيا بالقانون الجنائي لأنه يستمد المبادئ العامة من هذا الفرع لحداثة القانون المتقدم ذكره , لذلك فان دراسة أي جريمة دولية تستند في الغالب على المبادئ العامة في القانون الجنائي في معناه الواسع لذلك فإننا سنعتمد في بحثنا لأركان الجريمة وشروطها على الفقه الجنائي.

وسيكون مدار بحثنا الموسوم جريمة الاختفاء القسري معتمدا على تلك الشروح في الغالب لقلة ما كتب في هذا المجال عموما ولقلة المؤلفات العربية بوجه الخصوص وهو احد مشاكل البحث الكبيرة التي واجهتنا حال الشروع بالبحث والترتيب ويرجع ذلك كما قلنا لحداثة القانون الجنائي الدولي من جهة ولحداثة الجريمة من جهة أخرى لان جريمة الاختفاء القسري وهي إحدى الجرائم الموصوفة بأنها جرائم ضد الإنسانية لم تظهر إلى حيز التجريم إلا بعد عام 2006 تحديدا بعد المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي دخلت حيز التنفيذ بموجب القرار رقم 11177 المؤرخ في 20 كانون الأول 2006 على الرغم من صدور إعلان عالمي بهذا الخصوص قبل هذا التاريخ إلا أن الجريمة لم تأخذ مكانها الصحيح إلا بعد المصادقة على هذه الاتفاقية ولعل ذلك يرجع إلى أن التصديق يكون ملزما للدول في حين أن الإعلان لا يوفر ذلك الإلزام في مواجهة الدول وعلى الرغم من صدور الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري قبل هذا التاريخ وتحديدا في عام 1996 إلا أن هذه الاتفاقية إقليمية لا يمتد أثرها إلى الجماعة الدولية بشكل عام بل يحكم الدول المنضوية تحت الإقليم أو المنظمة الإقليمية التي اعتمدته ولا يلزم إلا من صادق على الاتفاقية من داخل الإقليم ذاته ولهذا فتكون الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 هي الشرعة الأساسية المجرمة لهذا الفعل .

لذا فإننا سنحاول البحث في هذه الجريمة مستعينين بالمصادر المتوفرة لدينا في القانون الجنائي الدولي إضافة إلى القانون الجنائي ومستندين إلى أهم الوثائق والاتفاقيات والصكوك الدولية في هذا الشأن وسنقسم بحثنا إلى فصلين نخصص الأول لماهية جريمة الاختفاء القسري والذي سنبحثه في مبحثين يكون الأول لتعريف الجريمة لغة واصطلاحا ويكون المبحث الثاني لركني جريمة الاختفاء القسري المادي والمعنوي , وسنورد في الفصل الثاني التنظيم القانوني لجريمة الاختفاء القسري والذي سيكون في مبحثين نخصص الأول لما يدخل في نطاق الاختفاء القسري أي حالاته وشروطه ثم نخصص المبحث الثاني للحقوق التي يسلبها الاختفاء القسري موردين ذلك بمطلبين يكون الأول لأبرز الحقوق التي يسلبها الاختفاء القسري والثاني للجزاءات والضمانات المتوفرة لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري وهي لا تخرج عن الجزاء العقابي والجزاء المدني …

نسال الله أن يوفقنا في ذلك خدمة للعلم والإنسانية , والله ولي التوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى