بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

تعايش – زياد خالد علي

من ارض سومر امتزجت حروفي بذرات غبار حركته الريح من مستقره على جدران حضارة ضرب جذرها بالفية خامسة قبل ميلاد يسوع , لتحاكي الم وامال وامنيات ومدركات واقع مرير , واقع صحي , واقع خدمي , واقع بيئي ، ثم تستدرك الحروف في حرقة وحسرة معتصرة القلب في صراع مع الذات ، واقع ثقافي شارف على الانهيار ، ثقافة تعيش في مرار ، حرف ثقافة محبوس يحرم من الانتشار !؟ في عصر حرية النشر !؟ نعم ، فما فائدة النشر دون قارئ ، ودون عمل بالمقروء ، ودون تفاعل وتمازج والنقد بهدوء نقد مبني على علم وحوار ، نقدنا لم يعد بناء كما عهدنا ثقافة النقد ، والطامة انه لم يعد هدام ، بل وصلنا لنوع اخر من النقد , نقد همجي يعرف بنقد الاقصاء ! نعم انه عصر النقد الاقصائي عصر جديد ، من من صراعات الفكر الدموية , و الاقصاء لا يكون للفكر وحده ، بل لصاحب الفكرة والموضوع ، دون حوار ، دون جدال ، بعيد عن ممارسات الاعتدال ، اقصاء يحارب اصحاب الفكر والفحول من العقلاء ، ليؤسس لفكر مريض ، فكر قائم على انتماء واهم ، انتماء مزيف اسسه بالية وخذوره خاوية وميته لا تعتاش على مياه التربة ، بل على دماء المخالفين ، المخالفين لفكرهم المريض ، فيقصون اصحاب الفكر النير والمعتدل ، واذا كان هذا منهج التعصب مع من يحسب على انتمائه الروحي والعقائدي فتخيلوا معي تصرفهم تجاه من يتمايز عنهم بدين او معتقد ، اي دين !؟ ويهم يعدون دينهم الحق الحقيق !؟ بالرغم من انه دين الرهبة والقتل والتحريق ، منهج يابى معه العقل التصديق هل ستكون لنا صرخة ؟ هل سيكون لنا موقفا مشرفا يبنى مجتمع المكونات؟ هل سنكون مثلا رائع لوشائج عراقية مبنية على المواطنة والتسامح ونحفظ تراث الاجداد؟ هل سنرعى حرف سومر بعد ان اندثر؟  ان المشكلة الاساسية تكمن في فهم الطرف الاخر للمواضيع التي يحاور فيها , فهو لا يحاور من مبدا ثقة وعلم حقيقي او مبني على اسس واقعية او عقلية , بل على اسس محاورة متطرفة جافة , لا تحتمل مبدا التعايش السلمي , ان العراق يتميز بالوانه المختلفة والمتعددة , طيف جميل وكون وملون بالوان زاهية , لا يشكل منها الضوء نورا , اذا افتقد احد عناصره فلا يمكن لنا ان نحيا لوحدنا في هذا الوطن دون مشاركة وتداخل وتعايش سلمي , ان الشرعة الدولية تناهض التمييز , وانسجم معها دستور جمهورية العراق , حيث نص على هذا المبدا في اول مادة عنيت بالحقوق والحريات , وهي المادة 14 من الدستور اذ بينت اساس مواطنة وانتماء العراقيين ووجوب المعاملة بالمساواة والعدل دون تمييز على اي اساس عنصري سواء كان عرقا اوقومية او لغة او دينا او طائفة او مذهبا , واذا كان يرتب ذلك في باب الحقوق والحريات , فهو مؤكد له في المادة 3 منه حيث يصف العراق بكونه بلدا متعدد الاديان والطوائف والمذاهب والقوميات , نحن بحاجة الى فهم حقيقي لمعنى المواطنة التي تعتمد على تعايش سلمي , نحن بحاجة الى خطوة جادة وحقيقية بثورة فكرية على كل المفاهيم البالية التي تحاول التمييز على اي اساس بالي ومريض , نحن بحاجة الى ان نتخلى عن كل الرواسب التاريخية التي تدعوا الى اعتبار فئات من الناس غير محبذ بها وغير مرغوب بها بسبب معتقد او دين او جنس او عرق , ان نهضة الامم وتقدمها تقاس بالوعي الحضاري والفكري لها ومدى امكانية تقبل الاخر كما هو دون اقصاء او تهميش او محاربة لسلوكياته المرتبطة بجذوره الاسرية او العقادية او الروحية , نحن بحاجة الى فئة مدافعين عن حقوق الانسان تؤمن بقضية حقوق الانسان ايمان حقيقي مبني على مبادئ راسخة , ولسنا بحاجة الى اشخاص يدعون انهم مدافعين عن حقوق الانسان , نحن بحاجة الى الحفاظ على التعددية والتنوع في العراق , وهذا هو واجبي وواجب كل المدافعين عن حقوق الانسان ,هذا ما اطلبه منكم في القادم من الايام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى