بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

المساواة وعدم التمييز في الشرعة الدولية لحقوق الانسان – زياد خالد علي

المساواة وعدم التمييز في الشرعة الدولية لحقوق الانسان

الحقوقي: زياد خالد علي / مدرب في مركز النماء لحقوق الانسان

ان لمبدا المساواة  و مبدا عدم التمييز في الشرعة الدولية لحقوق الانسان ” الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية لسنة 1966 ” اهمية كبرى , ويعد حجر اساس ومنطلقا لكافة الحقوق , فهما مبدئين  يناهضان التمييز بكافة اشكاله وأنواعه سواء كان مبنيا على النوع او الجنس او اللون او المعتقد او الدين او الانتماء او أي تمييز مبني على نبذ عنصري اخر , وقد استمد هذا المبدأ قوته من نصوص الشرعة المشار لها انفا حيث ياتي نص الاعلان ليقرر “يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء. ” ـ و تعكس هذه المادة، التي قد تبدو لنا للوهلة الاولى مفهومة ، المبدأ الأساسي للمساواة بين جميع الناس , الا ان البحث في خفايا هذا النص يبين لنا مدى شمولية هذه الكلمات واحتوائها لمعاني وعبر ودروس ينبغي الاخذ بها والسير وفق مقتضاها . ان مبدا المساواة  يعتمد على عدة امور منها المعتقدات الدينية، والمبادئ الأخلاقية الوطنية و الدولية مما تشكل في الغالب اعرافا بالإضافة الى  معاهدات دولية وتشريعات قانونية وطنية , ومع مفهومية المبدا لذوي الاختصاص الا ان التعريف ياخذ مناحي عدة فيفهم من تعريف المساواة أنها معاملة متساوية تجاه كل إنسان لكونه إنسانا. بيد ان هذا التعريف قد يتعارض مع المنظومة بعمومها حيث يشكل البعض من المنظرين والشراح على ذلك منطلقين من عدم منح الانسان دون الثامنة عشر من العمر حق الانتخاب مثلا وهو انسان بالمعنى الوارد في التعريف السابق الاشارة له , بيد ان هذا النقد قد تم تذليله في مواد اخرى من الشرعة عندما تم الاعتراف بالشخصية القانونية لكل انسان ونص على احترامها , بالاضافة الى منحه حق التمتع بالحقوق حال اكماله الاهلية القانونية وفق القانون الداخلي لكل دولة على حدا , ولا ننسى  في المقابل إن حرمان حق التصويت من مواطن بالغ بسبب لون بشرته  او جنسه او معتقده او ميوله سيكون تمييزا مرفوضا, وسيؤكد حالة التمييز المقيته مهما كان سببها , كما ان الباحث في نصوص العهدين يجد بان ديباجة العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تعترف لجميع اعضاء الاسرة البشرية بالمساواة والكرامة , وقد قررت المادة الثانيه من العهد مبدا المساواة وعدم التمييز المبني على أي شكل من اشكال التمييز ” جنس , نوع , لون , عرق , دين , معتقد , فكر … الخ ” في حين تقرر المساواة بين الرجال والنساء في مادته الثالثه في جميع الحقوق المدنية و السياسية ثم عادت المادة الرابعة والعشرين لتقرر حقوقا للاطفال ايضا في نطاق المساواة وعدم التمييز  , وقررت المادة الخامسة العشرين حقوق المواطن في ضوء ما قررته المادة الثانية من عدم التمييز واتاحة الفرص المتساوية سواء في الانتخاب او الترشيح او شغل المناصب او المشاركة في ادارة الدولة او الشؤون العامة , ثم قررت المادة 26 بان الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب. , وحمت المادة 27 حقوق الاقليات في المشاركة ايضا فلهم ذات الحقوق المقررة لكافة المواطنين ولا يمكن استبعادهم او اقصائهم بناءا على انتمائهم , اما على صعيد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية فنجد ان الديباجة نصت ايضا على احترام المساواة وعدم التمييز في هذه الحقوق , وجائت المواد متتالية للنص على ذلك سواء في نطاق العمل او غيرها وذلك ما اكدته المادة 3 منه , ثم قررت حقوق الفرد في المادة 15 منه والزمت الدولة بضمانه انخراطه فيها , ابتداءا من حقه في التعليم وانتهائا من حقه في الضمان , وبذلك نجد ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية يرتكزان بشكل اساسي على المساواة وعدم التمييز فهما حلقة وصل بين جميع الحقوق ولا يمكن للحقوق ان تمنح بغياب المساوة او بوجود التمييز , ومع تضمين هذه المبادئ في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ونص الاخير على الغاء أي تشريع يتعارض مع نصوصه , صار لزاما على المشرع الغاء جميع القوانين المبنية على اساس تمييزي , خاصة القوانين التي تجرم الاعتقاد , او تجرم اديانا بعينها دون اخرى , لما تتضمنه هذه التشريعات من نظرة عدوانية وهمجية موجهة ضد الانسان , على اساس تمييز عرقي واثني , وهذا يتنافى مع مبدا المساواة المقرر دستوريا في باب الحقوق والحريات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى