بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

المرأة …والعنف الوظيفي – ميثاق حامد الجباوي

لطالما كانت كلمة (عنف) مرادفة لكلمة (المرأة) على الدوام فهي الفئة الاكثر ضعفا بين الفئات الضعيفة والمهمشة، الا انها ركنت الى جانب واحد من ذلك العنف وهو العنف الاسري او ما تتعرض له المرأة من اذى جسدي او لفظي او نفسي على مستوى العائلة والمجتمع ، ممتناسين بذلك المرأة العاملة التي اصبحت تشكل نسبة غير قليلة في تعداد النساء على مستوى العراق والعالم .

ورغم كل الحراك الرسمي والشعبي والتوجه مؤخرا نحو المدافعة عن حقوق المرأة والمطالبة برفع الظلم عنها واماطة الاذى والانتهاك لكرامتها عبر  اقرار القوانين والتشريعات الدولية والمحلية ، الى ان الواقع يقرأ حقائق مغايرة تماما لهذه المنهجية ، فالمتتبع لواقع المرأة العاملة في العراق يجدها تذوق الامرين في سبيل تامين دخل يتناسب وامكاناتها ومهاراتها،حتى اصبح تعرضها للعنف في سبيل العمل هو عرفأ مألوفا وليس حادثا عرضيا يستحق الوقوف عنده .

والعنف الوظيفي يطال المراة العاملة في القطاعين العام والخاص ، ففي مؤسسات الدولة ودوائها والمصانع  والجامعات الاهلية الكبيرة لازالت المرأة هي الحلقة الاضعف بين حلقات الهيكل الوظيفي ، وبدءأ من فرصة الحصول على العمل او الوظيفة فأن للموظف (الذكر ) حظوظا تزيد بمقدار الضعف عن ما هي للموظفة (المرأة ) وان كانت سيرتها الذاتية تحمل مؤهلات وشهادات تفوق الحد المطلوب ، وبنفس المنهجية تسير تلك المؤسسات عندما تحدث مفاضلة لشغل منصب اداري وان كان محدود الصلاحية فالمرأة العاملة هنا ايضا تكون موضع تمييز وفرصها في المنافسة شبه معدومة وان كان ميزان الكفاءة يميل لجانبها بقوة فالمعيار هنا هو الجندر لاغير.

والمتتبع لشأن المرأة العاملة في العراق يلاحظ بيسر انها كانت ولا تزال المحور الاساسي في تسيير ومتابعة الاعمال المكتبية والتصميمية وعلى مدار ساعات العمل بما يشبه الاشغال الشاقة ،بالمقابل فهي ايضا المسؤولة الاولى بتطبيق كافة القوانين والتشريعات المنصوص عليها وكانها كتبت لتطبقها بشكل خاص وليس لجميع العاملين ، واذا ما تجرأت على طلب المساواة بزملائها (الموظفين ) الذين يتسربون من اعمالهم بعد انتصاف النهار حتى تكاد المؤسسات تشبه حقبة الثمانينات عندما كانت تدار وتعمل بالكوادر النسائية فقط ، فأنها تعرض نفسها لانتهاك من نوع اخر فهي في النهاية (حرمة ) ولا يصح ان تتولى الاعمال خارج المؤسسسة وان كانت تلك الاعمال تصب في صميم اختصاصها البحت وايضا لا يحق لها الخروج مبكرا من العمل الا باجازة موقعة.

ولانها تتصف بالهدوء والركون الى السلام بالفطرة فتانها غالبا ما تقبل ان تتعرض لكل ما لا يقبل الرجل ان يتعرض لها من اجل ان لا تحصد مالا تحمد عواقبه ، ونادرا ما تجازف بالمطالبة بالعدالة التي كانت تفترض الحصول عليها مثلما التزمت بها هي في الدراسة والاختصاص ، وهي عند ذاك تضع كرامتها ودوموعها على المحك .

وما بين مطرقة العامل المادي وسندان العنف الوظيفي ، تبقى المرأة العاملة العنصر الاضعف ،ويبقى الموظف الرجل له كل الحقوق وبعض من الواجبات وهو على الدوام سيد الموقف …وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى