بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

الفرق بين حق التعبير وجرائم التشهير والسب والقذف في القانون العراقي: – حيدر جاسب عريبي

عقوبة جريمة القذف
نصت المادة 433 الفقرة 1من قانون العقوبات العراقي على عقوبة جريمة القذف حيث فرضت عقوبة الحبس و الغرامة او باحدى هاتين العقوبتين على مرتكب الجريمة كما اعتبر المشرع نشر العبارات الشائنة عن طريق الاذاعه او التلفزيون او احدى الصحف او المطبوعات وبمختلف وسائل النشر ظرفا مشددا حيث يكون الخطر اكبر والضرر على سمعة وشرف شخص المقذوف اكثر واوسع انتشارا وكـــــــما اعتبر ذلك المشرع العراقي في المادة 136 من قانون العقوبات حيث اجازت للمحكمة ان تحكم باكثر من الحد الاقصى للعقوبة .. كما اعتبر القانون عدم توافر العلانية ظرفا مخففا للعقوبة حيث اشارت المادة 435 من القانون لعقوبة الحبس لمدة لا تزيد على ستة اشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا او باحدى هاتين العقوبتين في حالة ارتكاب القذف في مواجهة المجني عليه من دون علانية . او اذا ارتــــــــــكب الجاني الجريمة في حديث تلفوني تم بينه وبين المجني عليه ..او اذا تم كتابة رسالة موجهة الى المجني عليه وكانت تتضمن قذفا…….كما اشترط المشرع تحريك الدعوى الجزائية التي تتضمن تهمة القذف ان يكون تحريكها من المجني عليه حصرا ..كما نص على ذلك فـــــي قانون اصول المحاكمات .
وفي ضوء ذلك يذهب الشراح إلى وجوب تحقق ركن مادي وركن معنوي لتحقق جريمة القذف:
أـ الركن المادي:يقوم الركن المادي على ثلاثة عناصر، نشاط إجرامي هو فعل الإسناد وموضوع لهذا النشاط هو الواقعة المحددة التي من شأنها ان تعتبر جريمة توجب عقاب فاعلها، او انها توجب احتقاره عند أهل وطنه ولو لم تشكل جريمة وصفة لهذا النشاط هي كونه علنياً.
1ـ فعل الإسناد: هو تعبير عن فكرة صراحة او دلالة، تصدر قولاً او كتابة او إشارة او رمزاً او رسماً فحواه نسبة واقعة الى شخص معين علناً، بغض النظر عما اذا كانت نسبة الواقعة على سبيل اليقين او الشك، او كانت مجرد نقل عن الغير. وعلى هذا وصف القذف بأنه ( جريمة تعبير ).
وعلى هذا تقوم الجريمة بالإسناد الصريح الذي لا يحتاج من السامع الى مجهود ذهني لاستخلاص المعنى المراد من التعبير، او انه كان تعبيراً ضمنياً يحتاج كشف المراد منه بذل مجهود عقلي لتحديد المعنى الحقيقي المستتر خلف معناه الظاهر.
فالجريمة قائمة ولو استعمل الجاني أسلوب التورية او التلميح او انه افرغ عباراته بصيغة استفهامية او افتراضية.
ويتحقق النشاط الإجرامي ولو كان الإسناد عن طريق الإجابة عن سؤال بـ (نعم) او (لا)، فلو سأل مقدم برامج شخصاً في مقابلة في إحدى وسائل الإعلام ، هل تعتقد ان فلان مرتشي؟ فأجابه بنعم . فان كلا من مقدم البرنامج وضيفه قد ارتكب جريمة القذف، الاول عن طريق الافتراض والثاني عن طريق التأكيد.
وانه سأله عن طريق القول، ان فلان معروف عنه النزاهة في العمل، فأجابه بالنفي صراحة او إشارة ، فان الضيف مسؤول عن جريمة قذف.(8)
2ـ تحديد الواقعة: وواقعة القذف يجب ان تكون محددة، والتحديد هو ما يميز جريمة القذف عن جريمة السب الأخف من حيث العقوبة، لان من الشروط الطبيعية للواقعة محل الإثبات حسب القواعد العامة في قانون الإثبات ان تكون الواقعة محددة (9) وهذا ما هو مطلوب في جريمة قذف موظف عام في حين لا يسمح بالإثبات في جريمة السب للاستحالة القانونية لان القانون لا يشترط في واقعته التحديد.
ومن جانب اخر فان تحديد فكرة الواقعة يقتضي التمييز بينها وبين الحكم القيمي كحد فاصل بين القذف والسب، فمن يسند إلى غيره واقعة محددة كسرقة دار معينة او تزوير مستند معين فانه يرتكب قذفاً ، ولكن من يحكم من باب الرأي والاستنتاج بان فلان سارق او مزور دون ان يسند ذلك الى واقعة محددة او القول انه يتوقع ان فلان سيصبح سارقاً في المستقبل فانه يرتكب جريمة سب وان يكن قد استخلص هذا الرأي من واقعة يعلمها ولكنه لم يصرح بها، لاستحالة إثبات الاستنتاجات في الغالب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى