بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

العنف ضد المرأة ظاهرة تحتاج إلى وقفه مجتمعية – زياد خالد علي

إن مشكلة العنف ضد النساء امرأ ليس عابراً إذ بدا هذا الأمر ينتشر بصورة غير مسبوقة في المجتمعالعربي عامة والعراقي خاصة , وقد يتم التعامل معه بتبسيط واقعه , على الرغم من شدته فغالبا ما تلجا الأطراف إلى تبسيط الأمور وغض الطرف عن تجاوزات تصدر ضد النساء وإذا كان العنف متصورا بإيذاء جسدي قد يخلف إضرارا جسدية سواء كانت بالغة أو طفيفة , بيد أن الضرر الأكبر يكمن في الأذى النفسي الذي يورثه الاعتداء على النساء , لا بل أن الأذى النفسي قد يكون نتيجة تجريح , أو توبيخ , وان لم يكن مصحوبا بضرر جسدي مخلفا أثرا جسديا، وإذا أردنا أن نصف العنف ضد المرأة بكلمة فلا يمكن أن نصفه إلا بالهمجية , والوحشية , والغباء , فالعنف ضد المرأة هو عنف شامل ضد المجتمع , ومن يوجه عنفا للمرأة مفتقر لكل مقومات الإنسانية , ولا يمكن نعته بوصف الآدمي ، إن العنف ضد المرأة شيء خطير وينذر بهلاك المجتمع ذاته على المدى البعيد، لذلك كان من اللازم توجيه كافة التخصصات والمنظورات البحثية المختلفة للوقوف على مواطن العيب المؤدية لارتفاع نسبة ممارسة العنف ضد النساء في أماكن عديدة من العالم.

      لذلك علينا دراسة ظاهرة العنف ضد النساء كونها تمثل انتهاك واضح لحقوق الإنسان , فإذا ما قبلت المجتمعات الإنسانية المرأة بوصفها عنصراً فاعلاً وهاماً فيها، وإذا ما تعاملت مع المرأة على أنها كائن إنساني مثلها في ذلك مثل الرجل ومثل الأبناء الذكور، فإن قضية العنف الموجه ضد المرأة سوف تنتقل من مجرد قضية تعاطف تجاه المرأة، إلى قضية مجتمعية ودولية يجب محاربتها لما لها من آثار سلبية على مسيرة المجتمعات الإنسانية , وتبدأ هذه الخطوة التي ننادي بها من المراحل الدراسية الأولى لتوعيه الطفل أولا بمكانه المرأة , وكيفيه التعامل مع الناس عامة , ومع الأنثى خاصة فيجب أن تدخل ضمن المناهج الدراسية دروسا في الأخلاق , وفي التواصل البشري كون أن هذه الدروس تربي الطالب على مبدأ الاحترام وعدم مصادرة حقوق الآخرين , ويلاحظ أن تجربة اليابان الناجحة في هذا المجال أتت ثمرها إذ أنهم يدخلون مادة الأخلاق للسنوات الستة الأولى في حياة الطالب , فتجد أن هذا الشعب يتحلى بخلق رفيع في التعامل ,كما أن واقع الدول المتقدمة وما تفرضه القوانين من نصوص صارمة وحازمة تضع عقوبات شديدة على كل من ينتهك حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة , نحتاج إلى نهضة فكرية وان نتخلى عن كل الأفكار العنصرية المبنية على أساس التمييز العنصري فيما بين الأجناس , نحتاج إلى فكر منفتح يؤسس لمجتمع تسوده ثقافة الحوار وحقوق الإنسان نحتاج إلى نصوص قانونية رادعة لكل اعتداء على حقوق الإنسان عامة وعلى حقوق النساء خاصة كي نرتقي بالمجتمع إلى المكانة التي نرجوها له كما يجب أن نجد حلولا سريعة ومنتجة لمعالجة النساء اللواتي تعرضن لعنف من خلال مراكز نفسية متخصصة تتصف بالسرية والاحتراف والمهنية العالية , إضافة إلى تحديد معونات مادية للناجيات من العنف الأسري أو العنف الموجه على أساس التمييز , ويقع عبء هذا الأمر على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية , وعلى وزارة الصحة , وعلى مجلس القضاء الأعلى , ويتقدمهم في المسؤولية مجلس النواب , من خلال صياغة تشريعات تلبي حاجة المجتمع للحد من ظاهرة العنف ضد النساء أولا ومعالجة من تعرضوا لهذه الظاهرة ثانيا وبمختلف الأعمار وفق برامج احترافية مبنية على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال  , وكل هذا لا يمكن الوصول اليه دون مساندة المجتمع بافراده وناشطيه ومنظماته , ان هذا الامر لا يبنى على هواء في شبك , بل ان له ارضية قانونية متمثلة بالشرعة الدولية لحقوق الانسان التي نصت على حقوق الانسان بغض النظر عن جنسه وعرقه ولونه ودينه وانتمائه , وهي مؤكده لمبدأ الكرامة , كما ان لها تاصيلا دستوريا في العراق , بعدم التمييز فيما بين افراد الشعب اولا , وتوفير الضمان الاجتماعي والعيش الكريم لافراد الشعب ثانيا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى