بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

الطالب الجامعي ومفهوم الحرية – وئام البياتي

باتت كلمة “الحرية” تتردد على مسامعنا كثيرآ منذ سقوط النظام المقبور عام 2003 وحتى يومنا هذا فالكل يبحث عنها وصرنا نسمع تارة من يقول “أنا حر أو أنا حرة” وتارة أخرى يردد البعض “دعونا نعيش بحرية “. إن الحرية أساس الحياة الكريمة التي ينشد الجميع الوصول إليها والانطلاق منها دون قيود وهي ذات مفهوم راق و مسؤول ولها حدود يجب معرفتها جيدا إذ أنها لا تعني الفوضى ولا التقليد الأعمى للآخر ولا تعني أن يفعل المرء ما يحلو له دون ضوابط كما إنها لا تعني أبدا إيذاء النفس أو إيذاء الغير.وفي الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان نعمة العقل وميزه عن سائر المخلوقات وبعد التفكر والتدبر أدرك الإنسان انه عضو في مجتمع وفرد في جماعة بل انه جزء لا يتجزأ من منظومة كبيرة.

الحرية ليست مطلقة حيث ينبغي أن تكون خاضعة لموازين مثل العقل والتفكير. ومن الناس من يرى انه ليس هناك ما يسمى الحرية المطلقة تحت أي ظرف من الظروف لان حاجات الإنسان تبقى دائما مُقيدة له ومكبلة إياه. فلا أحد في هذا الكون له الحرية المطلقة غير الله تبارك وتعالى لأنه سبحانه مصدر الحريات. ولعل أسمى أنواع الحرية هي تلك المقيدة بما يريد الله جلَّ جلاله فالحرية المقيدة بحدود الشرع مثلا هي التي تمنح السعادة للنفس ويكفي أن يعرف الإنسان انه مخلوق لعبادة الله لا لعبادة بشر وانه إذا ما انتهى عن شئ فانه مما نهى عنه الله لا البشر.وهي على نوعين حرية داخلية وحرية اجتماعية. الأولى تعني حرية التفكير و الإرادة فالمرء حر ما لم يضر غيره وحرية الفرد تتوقف عند حدود حرية الآخرين والثانية تعني ما يمنحه المجتمع والقانون للتعبير عن الرأي كالمشاركة في الانتخابات وحرية الصحافة والإعلام. فلا حرية لفرد بالتجاوز على حرية الآخرينلان الكل شركاء ولا يجدر به إلحاق الضرر بهم أو الإساءة إليهم بعنوان ممارسة حريته الشخصية.ولكن مما يؤسف له أسفا شديدا، أن نجد بصورة شبه يومية من يلجأ إلى إيذاء الآخرين بزعم أنه يعبر عن رأيه بشكل سلمي فمن كان لديه أي اعتراض على موضوع ما أو رفض له فإن التعبير عنه يجب ألا يؤذي الغير.

ومن هنا كان على الطالب الجامعي أن يدرك انه بفعل ذلك قد يسيء لنفسه ولأهله قبل ان يسيء لغيره فضلا عن أنه ومن خلال هذه السلوكيات المرفوضة يكون كالذي يغرد خارج السرب وانه سيخلق فجوة كبيرة بينه وبين الآخرين في الوسط الجامعي أولا و في المجتمع ثانيا.

فيا أيها الطالب الجامعي. أنك برفضك الامتثال لما يتطلبه الوسط في الجامعة كارتداء الزي الموحد مثلا, ذلك الزي الذي يمثل هويتك الجامعية ووجودك الأكاديمي, فانك لاتقوم بذلك ممارسة صحية للحرية بشكل ما بل انك تمثل مفهوما خاطئا لها. ولتعلم انك بتقليد قصات الشعر الغريبة وارتداء اللبس غير اللائق  و انك أيتها الطالبة الجامعية بارتدائك الحجاب بطريقة غير متعارف عليها واللبس الذي يفتقر إلى الحشمة و الوقار قد غاب عن باليكما أنكما اليوم في حرم جامعي له قدسيته وقانونه الخاص و أنكما بفعلكما هذا تجريان وراء ثقافة أجنبية عن مجتمعنا الشرقي وديننا الإسلامي.

 فإذا كان الأمر كما يقول الأديب الفرنسي ألبير كامو: “الحرية ليست سوى فرصة نحو الأفضلفأين الأفضل في عدم الالتزام بالدوام والمحاضرات اليومية وفي الاستماع إلى الأغاني ونغمات الهاتف النقال المرتفعة في ممرات الأقسام و الكليات؟ وأين الحرية في عدم الاكتراث بالآخرين و إزعاجهم؟ وأين الأفضل في أن نسمع يوميآ أنواع مختلفة من العبارات والألفاظ البذيئة والخادشة للحياء؟ وأين هي الحرية لدى بعض الطلبة ممن لا يأبه إلا برأيه ولا يعير أية أهمية لرأي الآخر وبالأخص من هم اكبر منه سنا وأكثر منه علما!

يال الله! ما أكثر ألظواهر ألسلبية والمشاكل المترتبة عليها من حولنا؟ وكلها اليوم تمارس تحت غطاء واحد أو ذريعة واحدة هي”الحرية”. أما آن الأوان لان نحترم رأي الآخر وان تكون حريتنا بحدود حتى ننعم بحياة خالية من المشاكل واللامبالاة؟ أما آن الأوان لأن نرتقي إلى مستوى الطموح والأمل ببناء الغد الواعد والمستقبل المشرق؟إننا بحاجة ماسة لأن نبدأ من جديد في عصر تسوده الحرية الحقة وان لا تكون “الحرية” مجرد كلمة وإلا لما استشهد من اجلها الملايين!فهي معنى الإنسان وهي الإنسانية بعينها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى