بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

الحق بالحصول على المعلومة نعمل بالممكن لحين توافر ماهو غير ممكن – زياد خالد علي

ان الشرعة الدولية لحقوق الانسان تمثل الركيزة والملجأ الذي يقصده المدافعين عن حقوق الانسان لتوفير الحماية القانونية اللازمة لعملهم , وهذه الشرعة المتمثلة بالاعلان العالمي لحقوق الانسان ومجموعة الاتفاقات والبروتوكلات الاخرى التي ضمت بين دفتيها تنظيما للحقوق وحمايتها , ويلاحظ ان المجتمع الدولي منذ وقت مبكر اولى اهمية كبيرة لمبادئ حرية الحصول على المعلومات ، فقد تبنت الجمعية العامة للامم المتحدة في جلستها الاولى عام 1946 قرارا جاء في نصه ( ان حرية الوصول الى المعلومات حق انساني اساسي … ) ، الا ان هذا الحق لم يفرد كحق مستقل في اتفاقيات حقوق الانسان الدولية ، بل عد جزء من الحق في حرية التعبير ، اذ نصت المادة ( 19 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان المتبنى من الجعية العامة للامم المتحدة في 10 / 12 / 1948 على :- ( يتمتع الجميع بحق حرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق على حرية الاحتفاظ بالاراء دون اي تدخل ، وبحث وتلقي ونقل المعلومات والافكار من خلال اية وسيلة اعلام وبغض النظر عن الحدود ) , وتبنت المادة ( 19 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المتبنى عام 1966 نصا مشابها  ., واذا كان نتحدث عن حق الحصول على المعلومة  فنجد ان تنظيم هذا الحق يندرج كما يعبر عنه المختصون قانونا ضمن فئتين من الحقوق الاول حرية الراي و التعبير والثاني حرية الاعتقاد , في حين ينسبه اخرون الى كافة الحقوق سواء كانت مدنية وسياسية ام اجتماعية وثقافية , ولا نخوض هنا في انتماء الحق لفئة معينة فهو بالمحصلة النهائية حق من حقوق الانسان , يستوجب الحماية والتنظيم , وقد استمدت غالبية دساتير العالم الحقوق والحريات الوادرة فيها من نصوص هذه الشرعة الدولية بما فيها دستور العراق الحالي لعام 2005 , واذا كانت المعلومة تعرف بانها الحقيقة والمعرفة او بيانات واردة في سجلات توثق امر معين , فيمكن اعتبار الخبر غير المدون معلومة ايضا , ويدخل ضمنها الشهادة السماعية والعيانية والخبر الشائع المتداول لاقترابه في المعنى للاصطلاح القانوني , ولما راجعنا المنظومة التشريعية العراقية لم نجد تعريفا لهذا المصطلح الى الان كون ان مشروع قانون حرية الحصول على المعلومة لم يقر بعد , حيث ورد تعرقف المعلومة بمشروع قانون حق الحصول على المعلومة في الفقرة هــ من المادة 3 بنصها ” هـ – المعلومة : المعلومة الموجودة في السجلات والوثائق المكتوبة أو المحفوظة إلكترونياً أو الرسومات أو الخرائط أو الجداول أو الصور أو الأفلام أو المايكروفيلم أو التسجيلات الصوتية أو أشرطة الفيديو أو الرسوم البيانية أو أية بيانات تقرأ على أجهزة خاصة أو أية أشكال أخرى تدخل في نطاق المعلومة وفق هذا القانون ” , ان غالبية المختصين يشكون عدم وجود نص ينظم الحصول على المعلومة , ويبقى المدافعين عن حقوق الانسان متخبطين في وجود نص يحميهم قانونا في ظل المنظومة التشريعية , الا ان ثمة نص ينظم هذه المسالة ويمنح الحق للناشطين والمدافعين عن حقوق الانسان والصحفيين بالحصول على المعلومات , حيث ان العراق قد انضم الى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لعام 2004 والتي دخلت حيز النفاذ في 14/12/2005 بموجب القانون رقم 35 لسنة 2007  قانون انضمام جمھوریة العراق الى اتفاقیة الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام2004 النافذ في 8/3/2007 ,وقد يتسال البعض عن علاقة الاتفاقية بحق الحصول على المعلومة والعلاقة تتجلى في مشاركة المجتمع  الوارد ذكرها في المادة 13 من الاتفاقية  “١- تـتخذ كـل دولـة طـرف تدابـير مناسبة، ضمن حدود امكاناهتا ووفقا للمبادئ الأساسـية لقانونها الداخـلي، لتشجيع أفراد وجماعات لا ينتمون إلى القطاع العام، مثل المجتمع الأهــلي والمــنظمات غــير الحكومــية ومــنظمات المجتمع المحــلي، عــلى المشــاركة النشــطة في مــنع الفسـاد ومحاربـته، ولاذكـاء وعـي الـناس فيما يتعلق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثله من خطر. وينبغي تدعيم هذه المشاركة بتدابير مثل:(أ) تعزيز الشفافية في عمليات اتخاذ القرار وتشجيع اسهام الناس فيها؛(ب ) ضمان تيسّر حصول الناس فعليا على المعلومات؛(ج) القـيام بأنشـطة اعلامـية تسـهم في عـدم التسـامح مـع الفسـاد، وكذلـك برامج توعية عامة تشمل المناهج المدرسية والجامعية؛” ثم جائت الفقرة 1/ د من ذات المادة لتقييد حق الحصول على المعلومات بمحددات بنصها على ” (د) احــترام وتعزيــز وحمايــة حــرية الــتماس المعلومــات المــتعلقة بالفســاد وتلقــيها ونشـرها وتعمـيمها. ويجـوز إخضـاع تلـك الحـرية لقـيود معيـنة، شريطة أن تقتصر هذه القيود على ما ينص عليه القانون وما هو ضروري:’١’ لمراعاة حقوق الآخرين أو سمعتهم’٢’ لحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو لصون صحة الناس أو أخلاقهم.” وختمت المادة 13في فقرتها 2 بالزام الدولة بهذا الامر بنصها “عـلى كـل دولـة طـرف أن تتخذ التدابير المناسبة لضمان تعريف الناس هيئات مكافحـة الفسـاد ذات الصـلة المشـار الـيها في هـذه الاتفاقـية، وأن توفـر لهم، حسب الاقتضاء،سـبل الاتصـال بتلك الهيئات لكي يبلّغوها، بما في ذلك دون بيان هويتهم، عن أي حوادث قد يُرى أهنا تشكّل فعلا مجرّما وفقا لهذه الاتفاقية ” , ومن ذلك يتضح لنا ان عمل الناشطين والصحفين الباحثين عن المعلومة له سند قانوني في العراق باعتبار ان نصوص هذه الاتفاقية تعد قانونا واجب الاتباع يتحمل من يخالفة الخضوع لنصوص التجريم الوادرة في القانون خاصة الواردة في نص القانون 35 لسنة 2007 المشار اليه سابقا , وفي ضوء معطيات هذا القانون يمكن لنا ان نعمل بالممكن الى حين توافر ما هو غير ممكن , املين ان يشرع قانون حق الحصول على المعلومة بشكل يتناسب وهذا الحق ويكفله كما كفلته الشرعة الدولية لحقوق الانسان والدستور العراقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى