بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

الاتجار ينهض من جديد – ايوب حسن

الاتجار ينهض من جديد

 

بغداد / ايوب حسن

مدافع حقوق انسان – مجموعة اشنونا – (مركز نماء لحقوق الانسان)

 

بعد الموجة الكبيرة التي تعرضت لها دول الشرق الاوسط وأبرزها سوريا والعراق واليمن، بالإضافة الى بعض من دول شرق اسيا، بسبب عمليات النزوح والهجرة المكثفة، ظهرت من جديد وبقوة واضحة ظاهرة الاتجار التي غابت عن الملامح وأصبح وجودها ضعيفاً في السنوات الاخيرة من القرن الماضي.

سوريا تحت مصيدة الاتجار

حيث اظهرت مؤشرات خطيرة لتلك الظاهرة عقب الاحداث التي تتعرض لها سوريا بسبب الحرب الدائرة بين عدة جهات مسلحة من جهة والجهات الحكومية من جهة اخرى ، والتي ادت الى هجرة جماعية تصل الى مغادرة مئات الاشخاص يومياً من ديارهم باتجاه كل من تركيا واليونان ودول جنوب وشرق اوربا.

وتعترض تلك الهجرة مراحل من المعاناة تتمثل بدفع الاموال الطائلة والسير لأيام في مناطق وعرة ، ثم يتخللها عملية بيع وشراء للأشخاص ، حتى وصل الحال الى المتاجرة بالأشخاص نفسهم ثم قتلهم وبيع اعضاءهم البشرية بين المافيات المتنفذة في عدة مناطق من دول اوربا.

الظاهرة تلك تصدرت على الظواهر الاخرى المتمثلة بسرقة الاموال او النصب والاحتيال على المهاجرين ، وتصنف رسمياً تحت مسمى (الاتجار بالبشر) ، حيث تجري في ظروف منها ما هو غير واضح ومنها ما هو واضح للعيان وبأساليب متنوعة ، تمثلت بخطف الاشخاص او ممارسة طرق ملتوية بإقناع المهاجرين بنقلهم خلال طرق آمنه للهجرة ، لكنها سرعان ما تظهر على ارض الواقع انها طرق نهايتهم والموت الحتمي لهم ، ثم مصادرة اجزاء من اعضاءهم البشرية المهمة وبيعها بأسعار كبيرة تصل الى 30 الف دولار للعضو البشري الواحد.

العراق تابعاً لسوريا

حيث احتل هو الاخر مرتبته الثانية في تلك الاعمال التي يتعرض لها مواطنوه، وذلك من خلال الاحصائيات الاخيرة التي اظهرت نزوح ولجوء العشرات من مواطنيه المتواجدين في تركيا والتي توجهوا اليها في سنوات سابقه نتيجة للصراعات الطائفية التي مر بها العراق بين العامين 2006 و 2007 وكذلك موجة الحرب الاخيرة على الإرهاب في الفترة التي اعقبت احداث سقوط مدينة الموصل بيد ما تسمى ( الدولة الإسلامية في العراق والشام).

العراقيون الذين لم يجدوا حلاً سوى تتبع الطرق التي توجه لها السوريون ، وجدوا انفسهم ايضاً تحت مصيدة الاتجار، حيث سجلت السلطات الاوربية في عدة دول منها عدة حالات لخطف وقتل عراقيين تمت المتاجرة باعضاءهم البشرية ، منها ما تمثل بحادة الشاحنة التي وجدت على قارعة الطريق في النمسا والتي كانت تحوي بنسبة كبيرة على جثث لمواطنين سوريين وبعض اخر عراقيين ، وكذلك حالات سرقة المواطنين بعد سفرهم بطرق غير شرعية باستخدام القوارب والتوجه بها الى سواحل الدول الاوربية عبر بحر ايجه والبحر المتوسط ، واخرها كانت حالة الطفل العراقي التي استلم العراق جثته مؤخراً بعد تعرضه للخطف وسرقة اعضاءه البشرية في احدى غابات الدول الاوربية التي اصبحت ممراً لدخول اللاجئين.

ويتوقع مراقبون تزايد تلك الحالات بعد اعلان بعض من دول اوربا اغلاق حدودها امام المهاجرين مما سيؤدي الى توجههم الى التعامل مع مافيات الطرق الغير شرعية لدخولهم الى تلك الدول ، وتلك العملية تحتمل بنسبة معينة الى وجود اتجار بشري لبعض القائمين بتلك الامور غير الشرعية من المهربين.

نتائج وخيمة

تعزوا الدول الاوربية سبب ما يحدث لللاجئين غير الشرعيين من دولهم لا الى ما تفعل السلطات معهم ، حيث ترى ممثلية الاتحاد الاوربي في دول الشرق الاوسط وأبرزها العراق وسوريا ، ان ما يحدث للمهاجرين هو بسبب سياسيات دولهم وعدم وجود الحلول اللازمة لهم ، او احتواءهم بطرق مختلفة بعيداً عن مناطق النزاع ، كونهم يعيشوا مناطقاً للصراع المستمر الذي ادى حدوث ظروف قاسية وصلت الى فقدان المئات تحت مطرقة الحرب الدائرة بين الارهاب والسلطات الحكومية داخل بلادهم.

مما ادى الى اعلان دول الاتحاد الاوربي وبصورة واضحة عجزها عن استقبال المهاجرين بتلك الطريقة الكبيرة ، كون تلك الدول غير مستعدة لاستقبال هكذا موجه كبيرة لم يحدث مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية في اربعينيات القرن الماضي.

ادى ذلك ايضاً الى اعراب الدول المستقبلة كألمانيا والنمسا والدول الاسكندينافية كالنرويج والسويد الى أسفها للطريقة التي تستقبل بها المهاجرين والتعامل السئ الذي يطرأ على الغالب منهم ، كون تلك الدول لم تكن مستعدة لهكذا شئ كبير وإنها تتعامل مع ما يحدث يخطط متغيرة ومستمرة وغير ثابتة وتحمل الاخطاء على حد قولهم.

في ضل ما ذكر من احداث تشهدها المنطقة، تشير الاحصائيات الغير رسمية والتي سجلتها عدة منظمات الى ان العراق يشهد مغادرة 5 شباب يومياً كمعدل للهجرة الى دول اوربا ودول امريكا ، كما وتشهد سوريا عملية نزوح جماعية خلف الحدود باتجاه تركيا ودول اوربا تصل الى 100 شخص يومياً كمعدل سجلته بعض المنظمات ، كما سجلت منظمات اخرى قرابة 8000 مهاجر في شهر واحد دخلوا الاراضي التركية من المناطق الشمالية للحدود السوريه هرباً من الحرب الدائرة هناك.

دول شرق آسيا ليست ببعيدة عما يجري

كما تشير المصادر المطلعه بخصوص وضع الاتجار الى ان هناك حالات اخرى تشترك مع حالة سوريا والعراق، تمثلت بالاتجار بالعمالة القادمة من دول شرق اسيا والتي تعاني الفقر وسوء الاوضاع المعيشية والتي تؤدي الى تفكير سكانها دائما بالهجرة الى العمل في دول الخليج العربي والدول العربية التي تستخدم العمالة الاسيوية في مختلف الاعمال على اراضيها.

أذ سجلت حالات من الاتجار بمواطنين اسيويين اخرها كانت ل 7 نساء هنديات تم اختطافهن للتوجه بهن بحجة العمل في العراق او احدى الدول الخليجية لكن الخاطفين كانوا يرومون المتاجرة باعضاءهن البشرية في طريق الاختطاف قبل ان يتم تحريرهن في احدى المطارات الاسيوية.

بالإضافة الى ظهور حالات متفرقة تتغاضى عنها وسائل الاعلام ، تتمثل بقتل العمالة الاسيوية بصورة فردية في بعض الدول التي يعملوا فيها، وعدم وجود رادع للحكومات المسؤولة عن هولاء المواطنين، كونهم قادمين من دول تشهد ضعفاً سياسياً ومعيشياً مستمراً منذ سنوات، مما يجعل مواطنيها تابعين لدول منسية في وسط اسيا، وليس هناك جهات رسمية تطالب بحقوقهم.

آفة الاتجار التي تختفي خلف كواليس الهجرة والنزوح والعمليات العسكرية في البلدان المتصارعة في قارتي اسيا وإفريقيا، تشكل خطراً كبيراً حسب رؤية عدة منظمات عالمية وإنسانية وجهات رسمية وغير رسمية، ولم يتم ايجاد حلول نهائية لها، كونها تجري بصورة غير شرعية تحت يد جهات متنفذة تتنقل بين حدود تلك الدول المذكورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى