بحوث و مقالاتمصادر في حقوق الانسان

اسراء العزاوي – الهوية المفقودة

اسراء العزاوي – بغداد – مجموعة اشنونا

الهوية المفقودة

ادخلتنا السياسات الهمجية منذ عام 1945 بجامعة وهمية تحت يافطة العروبة ومنذ هذا التاريخ الى عام 2003 استمرت الحروب الطاحنة تحت رايات والشعارات الرنانة للأنظمة التي توالت على حكم العراق  لتكوين قطر عربي تابع لامة عربية وهمية، فكانت تلك اولى الخطوات لفقدان الجزء الاكبر من الهوية الوطنية.. ادمتنا هذه الامة التي اصبحنا جزءا من اجزائها الخيالية، مزقت توجهاتنا المدنية وادخلت المجتمع في تناحرات متفاقمة ..

لماذا نقتل جزءا من جسدنا بدم بارد

في الحقيقة اذا رجعنا الى الوراء قليلا قبل انضمام العراق الى الجامعة العربية لنتعرف على اول اجزاء الجسد العراقي الذي قتلت بدم بارد “يهود العراق”هذا هو عنوان كتاب للكاتب مازن لطيف  يروي ما تعرضت له احدى مكونات المجتمع العراقي في عام 1941 على يد الغوغاء بطرق ربما تكون عفوية او مقصودة ما اتحدث عنه هنا اليهود العراقيين وما تعرضوا له من تهجير وقتل ليتركوا وطنهم وفي داخلهم غصة وحنين لدجلة والفرات وكل شوارع بغداد ليذرفوا الدموع على وطنا ولدوا فيه وانطلقت أولى صرخاتهم بأحضانة في التاسع من اذار عام 1950 لنفقد جزءا مهما من عراقيتنا.

كابوس عام 1979

وفي عام 1979 وبتولي الرئيس السابق صدام حسين رئاسة العراق عاش العراق بكابوس لم يستيقض منه الى الان جميع أطياف الشعب العراقي ما بين شيعة وسنة وأكراد والديانات الأخرى.

حلبجة والانفال.. ذاكرة كردية تنضح دما

 ما قام به النظام السابق من انتهاكات ضد الاكراد بالإضافة الى الآشوريين والسريان والكلدان والشبك والتركمان واليزيديين والمندائيين الذين كانوا يعيشون بنفس القرى، افقدنا جزءا اخر من مدنيتنا.

اكبر هجوم كيميائي ضد المدنيين

 ما حدث في حلبجة والتي هي جزء من حملة الانفال التي قام بها النظام السابق ضد الاكراد أيضا ولكن هذه المرة بوحشية لم يشهد لها تاريخ العراق، حيث قصفت في مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية عام 1988، عندما كانت محتلة من قبل الجيش الإيراني، وتم توجيه الاتهام للجيش العراقي بقصفها ويعتبر هذا الهجوم اكبر هجوم كيميائي وجه ضد سكان مدنيين.

تاريخ مأساوي ثاني يلغي جزءا من هويتنا

 بدأت الانتفاضية الشعبانية في 1991 من محافظات الجنوب وتحديدا البصرة بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت وتدمير الياته من قبل القوات الأمريكية، الامر الذي اضطر الجنود العراقيين للعودة سيراً على الاقدام إلى العراق وعلى اثر هذا قام أحد الجنود العراقيين في فجر الثاني من آذار من عام 1991 بإطلاق النار على تمثال للرئيس العراقي صدام حسين في ساحة سعد في البصرة لتنطلق شرارة الانتفاضة الشعبية التي سرت بسرعة كبيرة جداً في أنحاء العراق وفي ظل هذه الأوضاع المتأزمة بدأ النظام باستخدام اساليب القمع كافة لايقاف الانتفاضة واستخدام طائرات الهليكوبتر التي ارسلتها أمريكا للنظام بحجة نقل الجرحى والمصابين من الكويت إلى العراق إلا أن النظام استخدمها بقصف المدن وايقاف الانتفاضة.

طمر هويتنا الوطنية

 لنأتي الى ما بعد 2003 لتطمر هويتنا المدنية بدخولنا بسيناريو يختلف بعض الشيء عما قبله ولكنه مطابق له بالعنف والشعارات الرنانة وهو سيناريو المكونات فخلق لكل مكون جبابرة جهل تحرض على الاقتتال الطائفي بين المكونات.

وكما نعلم فان هذه المكونات التي نتحدث عنها، افرادها اخوة في ما بينهم إما بالدين او الإنسانية.. بالتالي اكمل هؤلاء السماسرة مسيرة الدم التي اوجدتها شعارات الامة العربية الواحدة التي تناسينا ونحن جزء منها اننا مواطنون، لنا وطن ولسنا قطر يحمل هوية واحدة هي الهوية العربية وعندما رجعت بنا الذاكرة لم نصلح ما مضى بل عملنا على تشعب التنازع اكثر فاكثر لنقطع بعضنا بقصة جديدة ولنضيف ايضا صراعا جديدا لتاريخنا المشبع بالدم وهو صراع الطائفتين السنية والشيعية لنقتل ما تبقى من هويتنا ونمنح تاج الدولة للمكون لنخرج من سيناريو الامة العربية وندخل بسيناريو امة المكون.. هنا يتبادر الى ذهني الكثير من الاسئلة من بينها ألم يعي المواطن العراقي ما وصل اليه؟ ..ألم ير اننا من 2003 والى اليوم بنفس المربع؟.. ألم يعلم ان وطنيتنا اغتصبت وقتلت بسبب الجهل المتقوقع بداخلنا؟

 لتستمر السياسة الرعناء وتطال باقي مكونات المجتمع فلن يسلم لا ايزيدي ولا صابئي ولا مسيحي من هذه المحرقة البشعة ولنقوقع هذا الفئات المسالمة تحت يافطة الأقليات ونهمشهم بكل ما اتينا من قوة بأفعالنا… ولا اعلم لماذا نطلق عليهم مصطلح الأقليات هم ليسوا بأقليات وان هذا المصطلح هو السبب الرئيسي في خلق فجوة العنف التي بداخلنا.. لماذا هم أقليات نحن أناس يجب ان نتساوى بالحقوق والواجبات لأننا مواطنون ويجب ان لا نعترف بمكون، ونسمح بالتعايش السلمي للجميع ولكل شخص حق بآرائه ومعتقداته دعونا من “الانا” لانها خلقت جبابرة لا نستطيع تحطيهم الا بمدنية الـ “نحن”  لننتمي لعراق واحد..

ارحموا شبابنا يا سادة الجهل انتم تغتصبون ايديولوجية اهم شريحة بالمجتمع ليفوح منها عفن الطائفية لتكرسوا بها ثقافة العنف والكراهية لا ثقافة التسامح.. ارحمونا يا سادة العنف، شبابنا اصبح وقودا لحروبكم، امنحونا بصيص امل، دعونا نمسك القلم ونعبر عن ذاتنا ونلم شتاتنا الذي تبعثر على ايدكم… دعونا نرسم الحياة بألوان وردية لا سوداوية.. اتركوا هذا الجيل يخلق قُبلاً للمدنية والسلم والتعايش لا تتركوه يضيع بين قبلكم الطائفية التي خلقتموها في كل مكان، ولنجعل من صوت المدنية الجهوري يرن في ارجاء العراق… المتضرر الأكبر نحن.. فيقوا من سباتكم الذي شيئ مدنيتنا فأصبحنا مجتمعا هش البنية، لا يقوى على محاربة الدخلاء الذين يريدون عراقا مجزأً الى أشلاء لا تنسوا اننا جسد واحد، وان سياستكم تنشر في هذا الجسد امراضا خبيثة تقتل عضوا تلو الاخر، لنصبح ضعفاء. نعم نحن ضعفاء بفضلكم.. دعونا ننهض بكم وننفض التراب الذي تلوث به كتف المجتمع….

ويجب ان تعلموا انكم وبكل قوتكم هذه لا تستطيعون ان تهمشونا؛ فالشباب هنا وهناك، وسنقف بوجهكم فأنا صابئية.. ايزيدية… مسيحية.. بهائية… مسلمة.. انا عراقية ولن نجعلكم تمحونا مدنيتنا وتعايشنا السلمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى